باسمه تعالى
حول الاختلاف في مواقيت التقاويم المتداولة:
المعلوم أن معرفة مواقيت الصلاة سابقاً كانت تعتمد على النظر مباشرة , حيث أن وقت صلاة الفجر والامساك كان يعتمد فيه على رؤية خيط الفجر الصادق في عرض الأفق الشرقي وقد كان هذا متاحاً وربما بيسر قبل إمتلاء الأرض بالأنوار الصناعية بحيث صار من المتعذر جداً ملاحظة اعتراض نور الفجر وتميزه عن الانوار المنتشره في المدن والقرى بل قيل أنه لا بد من الإبتعاد عن البنيان ما لا يقل عن 150كلم لإمكان ملاحظة الفجر بالبصر , أما بالنسبة لوقت صلاة الظهر وعلامته إنعدام الظل للشاخص فما زال ممكناً لكن الناس استغنوا عن هذه الوسيلة البسيطة واستأنسوا بالتقاويم الجاهزة , وكذلك الأمر بالنسبة لوقت المغرب حيث أن أوانه بغياب قرص الشمس في المغرب لكن حيث أن الارض كروية مليئة بالتضاريس يحتاط الشيعة وجوباً للاطمئنان بتحقق غروب القرص بالانتظار حتى غياب الحمرة المشرقية ,
وهذا أيضاً ما زال في متناول المعرفة الفردية لكن الناس بغالبهم تهاونوا ولجأوا إلى التقاويم كما أشرنا. والآن لا يخفى على أحد أن التقاويم المنتشرة بين الناس تختلف كثيراً فيما بينها ما يجعل المكلف الملتفت في حيرة من أمره , ولعل أكثر ما يستحق الملاحظة والتوقف عنده هو الاختلاف والتضارب الحاصل بتحديد وقت الفجر الصادق , حيث أنك ترى أحياناً الفرق بين تقويمين يصل إلى 20 دقيقة أو أكثر , وهذا يسبب مشكلة لا سيما في شهر رمضان ولعل من الميسور جداً في أيامنا معرفة لحظة شروق قرص الشمس ولحظة غيابه , وحيث أن النظر لم يعد يفي بالغرض لمعرفة الفجر الصادق فقد صار لزاماً اللجوء إلى العمليات الحسابية في هذا المجال وهذا الأمر قد تعرض له أصحاب الإختصاص قديماً وحديثاً وعليه كان لا بد من العودة إليهم , وقد نقل بعض العلماء المحققين في ذلك أن قول المشهور عند القدماء مثل نصير الدين الطوسي وابن الشاطر والمؤيد العرضي وأبو ريحان البيروني وأبو الوفاء البوزجاني وغيرهم من أئمة الرصد والهيئة هو (كون الشمس) 18 درجة تحت الأفق , وقال المحقق الشيخ الآملي في كتابه (دروس معرفة الوقت والقبلة) عن القدماء أن المشهور بينهم أن إنحطاط الشمس عند طلوع الصبح وآخر الشفق يكون 18 درجة , وقال: والأصل المعتمد في ذلك هو العلم الحاصل بالتجربة وأكثر الحذاق على أنه 18 درجة وبالرجوع إلى أهم المؤسسات الرصدية في زماننا وجدنا تبايناً كثيراً في ما بينهم حول تقدير درجة إنحطاط الشمس عن الأفق لتحديد وقت طلوع الفجر الصادق , لكني لاحظت أن اعتماد الإنحطاط 18 درجة كان أكثر من غيره عند المختلفين وعليه إذا أضفنا المشهور عند القدماء من اعتماد ال 18 درجة إلى أكثر ما هو معتمد في مؤسسات الرصد وصناعة التقاويم في أيامنا فإنه لا شك سيتولد عندنا الإطمئنان بأن إنحطاط الشمس بمقدار 18 درجة هو أقرب إلى الوثوق لا سيما وأن القدماء القائلون بذلك هم أصحاب خبرة وتجربة .
وهذا جدول بما وجدناه عند أشهر مؤسسات الرصد والتقويم في أيامنا
إسم المركز وقت الفجر
مؤسسة مصلى طهران 18 درجة تحت الأفق
رابطة العالم الاسلامي 18 درجة تحت الأفق
جامعة العلوم الاسلامية,كراتشي 18 درجة تحت الأفق
مؤسسة اللواء , قم 16 درجة تحت الأفق
مؤسسة أميركا الشمالية 15 درجة تحت الأفق
مؤسسة جامعة طهران 19.15 درجة تحت الأفق
توقيت أم القرى 19 درجة تحت الأفق
المؤسسة المصرية للمساحة 19.5 درجة تحت الأفق
ولو حاولنا إجراء تجربة عملية كمثال وأخذنا مدينة بيروت مقياساً لوجدنا الآتي :
في يوم 20 حزيران وفيه أطول نهارات السنة :
حسب مؤسسة مصلى طهران: الفجر الساعة 3.43 - الشروق 5.27 مدة ما بين الطلوعين ساعة و45 دقيقة.
حسب مؤسسة جامعة طهران : الفجر الساعة 3.34 - الشروق 5.27 مدة ما بين الطلوعين ساعة 54 دقيقة.
حسب مؤسسة اللواء قم : الفجر الساعة 3.56 - الشروق 5.27 مدة ما بين الطلوعين ساعة 31 دقيقة.
وفي يوم 1 أيلول 2010 وهو من أيام شهر رمضان المبارك :
حسب مؤسسة مصلى طهران: الفجر الساعة 4.45 - الشروق 6.11 مدة ما بين الطلوعين ساعة و27 دقيقة.
حسب مؤسسة جامعة طهران : الفجر الساعة 4.38 - الشروق 6.11 مدة ما بين الطلوعين ساعة 34 دقيقة.
حسب مؤسسة اللواء قم : الفجر الساعة 4.55 - الشروق 6.11 مدة ما بين الطلوعين ساعة 16 دقيقة.
- وهكذا يلاحظ أن هذا الاختلاف يسبب إرباكاً وإشكالاً لا سيما بالنسبة إلى شهر رمضان وتوقيت الإمساك وبداية الصوم حيث يحرم لحظتها تناول أي من المفطرات.
لذا يبدو جليّاً لمن أمعن النظر أن التوقيت الأقرب إلى الوثوق هو إعتماد 18 درجة تحت الأفق كما عليه مشهور العلماء السابقين وخبراء هذا المجال إضافة إلى أكثر مؤسسات الرصد والتقويم في أيامنا .
أما بالنسبة إلى توقيت صلاة المغرب فقد صار من الميسور في وقتنا معرفة لحظة غروب قرص الشمس مع وجود البرامج الحسابية التي تحدد وقت الشروق والغروب بدقة ملحوظة كما أشرنا.
لكن حيث أن الفقه الشيعي يُلزم بالأحتياط الوجوبي بتحقق غياب الحمرة المشرقية حتى يُطمأن بحصول غياب القرص. لذا لجأ أغلب أو كل صُناع التقاويم إلى زيادة مقدار 15 دقيقة على موعد غيبوبة القرص من أفق الغرب.
لكن هذه الزيادة كما ظهر لنا كانت تقديراً إستنسابياً وليست مبنية على ملاحظة بصرية وتدقيق علمي.
وعند عودتنا إلى إستفتاءات السيد الخوئي (قد) وجدناه يجيب على سؤال حول مقدار ما يتحقق به غياب الحمرة المشرقية فقال أنه حوالي 12 دقيقة.
ولدى محاولتنا التحقق من الأمر بالمراقبة البصرية تم حصول الإطمئنان لدينا بغياب الحمرة المشرقية بعد 12 ونصف الدقيقة تماماً. لذا كان زيادتنا 13 دقيقة على غروب القرص كافياً للإطمئنان والإحتياط.
والله الموفق والمستعان والسلام
|