الإعذار
ورد في الاثر الشريف : إحمل أخاك على سبعين محمل ومحمل
ومن المعلوم أن أي فعل من أي فرد أو جماعة لا يحتمل عادة أكثر من وجهين وأن زاد يكاد لا يتجاوز عدد أصابع اليد .
كما أن سياقات ومقدمات الفعل غالباً ما توضح الهدف والغاية منه .
ورغم ذلك يأتي التوجيه الرسالي بالبحث عن أي إحتمال يحسن صورة الفعل حتى لو أدى إلى إختراع سبعين وجه بل لو أمكن الزيادة عن ذلك رجح البحث أيضاً .مع العلم أن عدد السبعين يذكر في الروايات ولا يراد به خصوص دلالته بل إشارة إلى المبالغة في الكثرة .
وهنا لابد من التركيز على نقطتين :
الأولى : أن الأخ المشار إليه في قوله ( إحمل أخاك ) قطعاً لا يقصد به الأخ الرحمي ولا يلزم قصره على الأخ في العقيدة بل من يغوص في أبعاد مقاصد الإسلام يدرك سهولة حمل عبارة (أخاك) على أعم مما سبق ذكره .
فالأخوة هي كل شراكة في إنتماء
والإنتماء إلى ذات الأبوين هو أخوة
والإنتماء إلى عقيدة واحدة هو أخوة
والإنتماء إلى مجتمع واحد هو أخوة
والإنتماء إلى وطن واحد هو أخوة
وعليه إحمل أخاك على سبعين محمل لأنك إن لم تعذر شريكك في الإنتماء ولم يعذرك فالبديل هو سوء الفهم وسوء الحكم وصولاً إلى التنافر والتمزق ....
الثانية : معلوم أن من حميد الأخلاق قبول عذر المعتذر .
لكن من عظيم الإسلام أن تـتلمس أنت العذر للمسيء والخاطيء.
وعليه فإن إعذار الآخر هو من أوليات الإسلام
وإن غاب عن مسلك كثير من المسلمين فإنما ذاك لغيبوبتهم
عن إدراك الإسلام ومفاهيمه .