بين الدعوة والحكم
سؤال بالغ الأهمية لابد أن يطرح : لماذا تنجح حركات المسلمين في الدعوة وتفشل في الحكم ؟ هذا ما طرحته على البعض ولم أجد جواباً إلا إنكار الفشل والقول أن هناك مؤامرة إفشال . نعم لا يمكن إنكار مؤامرات الإفشال لكن حصر النكسات في هذا السبب فيه الكثير من عدم الموضوعيّة . وبالرجوع إلى التاريخ وسيرة عدد من الحركات التي ترفع شعار الإسلام ووصلت إلى السلطة أو بعضها نجد الآتي : أن هذه الحركات تنشأ على يد أشخاص يتميزون بقدر من الثقافة الإسلامية وينقمون بقدر أكبر على : واقع المسلمين وتشرذم أقطارهم وضياع شوكتهم وتبعية زعمائهم لشرق وغرب . شيوع الفساد والإنحلال الأخلاقي . ج- التردي الإقتصادي وفقدان العدالة الإجتماعية . كان التركيز في الدعوة على : طرح المثل والقيم الإجتماعية . رفع شعارات الحل الإسلامي لكل مشاكل المجتمع . ج- اللجوء إلى التاريخ لإستذكار شخصياته وأحداثه التي تجسد التفاني والإيثار . بعد الوصول إلى السلطة أو شبهها يتم التحول إلى : التركيز على نظام العقوبات في الإسلام تلبس لبوس المنتصر وفي مقابل كل منتصر يوجد منهزمون . تنامي شعور قادة وكوادر هذه الحركات أنهم منتدبون من قبل الله لإقامه شرعه وعلى الرعايا شكر النعمة . وعليه تكون ردات الفعل الصادمة من مجتمع انتظر أشياءً وصدم بما لا يتوقعه أو ما ليس بمؤهل له . والأرجح أنه غاب عن هذه الحركات : أن الواقع أسير معاناته التي لا تعالجه المثل . أن ليس كل فرائد التاريخ تصلح لكل واقع . ان أغلب أفراد هذه المجتمعات بالكاد تقبلوا مبدأ الإله الواحد وعليه لن يتقبلوا آلهة جدداً . أن أبناء هذه المجتمعات ونتيجة للخطاب المتعالي سيشعرون أن عليهم الغرم وحدهم والغنم لغيرهم . إن ما مر ربما يقنعنا بحاجتنا إلى دراسة الواقع بعمق أكثر مما درسنا فيه بعض حوادث التاريخ .