دِينٌ ويسارٌ ويمينٌ ( 1 )
من باب ضرورة نقدُ الذات والآخر :
= مع النشوء الأول للإنسان كان الدِين دعوةً وإنتماءً لأجلِ السمو والنجاة .
= مع الإيغال الزماني وطرو حالات الحرفِ للدِينِ بتطويعه للرغبات نشأت قوتان في المجتمع البشري :
أحدها : قوة تجعل الدِينَ وسيلة للسلطة المعنوية على البشر ومتجراً للعيش والتميّز .
الثانية : قوة تحتكر الحاجات الحياتية للناس وصولاً إلى جعلهم أجساداً تتحركُ لتمكين الحاكمية القيادية والإقتصادية عليهم .
= وصلتْ القوتان غالباً إلى ضرورة التواؤم والتلاحم بينهما ولكلٍ مصلحته في التميّز والحاكمية .
= ما جرى كان إستعباداً للفكرِ والجسد أولد للمجتمعات البشرية فِكر حتمية العبودية أمام المتميّز والحاكم .
= عاود الدِينُ مِراراً الدخول إلى ساحة الإنسانية تصحيحاً وتقويماً .
= نجاح الدِينِ كان فاعلاً لفتراتٍ حيثُ تُسارع القوتان إلى إستيلاد نفسيهما ومعاودة إرتباطهما .
= نجحت القوتان وما زالتا لكن لم يتم القضاء على الدِينِ وتعاليمه ومناهجه .
= رغم الصِراع إستمر نفوذ الدِين في المجتمعات عبر ثلاثِ صيغٍ .
= إنقسم حمَلة رايات الدِين إلى ثلاثة فئات :
- فئة أخذت بصيغة موالاة الحاكم مهما كان وأنّ إستقرار العيش يستلزم الولاء والطاعة وتناولت مِنَ التشريع ما يُغني لهذه الدعوة .
- فئة اخذت بصيغة أنّ الدِين أساسه وغايته الطقوس العبادية وأنّ الحياة والسعادة حفِظتْ للمؤمنين في الآخرة .
- فئة أخذت بصيغة أنّ الدِين فِكر وتشريع لحياة الدنيا وأنّ نِتاج الآخرة تبع لصدقِ الإنتماء والإلتزام قبلَها وأنّ مِن أهم التشريعات وإلتزاماتها هو رفض الظُلم ودفعه .
= الفئة الأولى كانت دوماً أكثر تموضعاً وأعلى صوتاً كونها تتمتع بقدر كبير من تحصين السلطة لها .
= الفئة الثانية تمتّعت بمساحة مريحة جداً من الحركة كونَها والفئة الأولى مع داعميها لا يُعتبرانِ في حالة صِدام أو تزاحم وأنَّ لكلٍ منهما خياراته .
= الفئة الثالثة كانت دوماً تعتبر الفئة الأولى عائِقاً وخطراً يمنع التغيير والتجديد لعودة الدِين إلى حياة الناس أو لإنقاذ الناس بالدِين . أما نظرتها إلى الفئة الثانية فهي أنّها أضلّت طريق الصواب ولم توفّق بفهم مقاصدِ الدينِ وعليه فهي تُساعد ولو من غير قصد بتمكين الفئة الأولى وحكّامها .
= وعليه إنقسم الناس فِئاتاً على نحوهم .
وتأتي البقية بعون الله تعالى .
وحسبي الله ربي وهو الكافي
=====
إبراهيم فوّاز